الحمد لله رب العالمين ، الذي أنزل القرآنَ هدى للمتقين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، الذي أرسله الله رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحابته أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد
فإني أتقدم بالشكر الجزيل والعرفان بالجميل إلى السادة الأفاضل القائمين على جائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم وقراءته وتجويد تلاوته ، على دعوتهم لي لحضور جلسات الجائزة وأنشطتها العلمية في دورتها الثامنة ، واختياري للتكريم تقديراً لجهودي العلمية في خدمة القرآن الكريم وعلومه المباركِة ، فالحمدُ لله رب العالمين على هذا التوفيق.
وأقول في هذه المناسبة : إن التكريم الذي حَظِيتُ به له دلالة عامة ، فهو تقدير لكل الجهود المبذولة في خدمة القرآن الكريم وعلومه من العاملين في هذا المجال ، وهو تشجيع لهم على بذل المزيد لإيصال هداية القرآن إلى البشرية التي هي بأمس الحاجة إليه ، وله دلالة خاصة تتعلق بشخصي الضعيف.
فقد جاء هذا التكريم في الوقت المناسب ، فلا شك في أن حضور مثل هذا التجمع العلمي والدعوي العالمي فرصة طيبة تجعل المرء يشعر بالسعادة والمتعة العلمية والروحية ، فكيف إذا كان ذلك الحضور مقترناً بالتكريم المعنوي والمادي ؟ ولا أبالغ إذا قلتُ : إن هذا التكريم هو نعمة ربانية عظيمة حَبَانِي الله بها ، أسأل الله تعالى أن يُوزِعَنِي شُكْرَهَا ، وأَنْ يُتِمَّهَا عليَّ في الدنيا والآخرة.
جاء هذا التكريم بعد حَدَثَيْنِ غَيَّرا مسار حياتي الشخصية ، الأول : ما تعرضنا له في بلادنا من تدمير وتقتيل اضطرنا للنزوح عن ديارنا ، وفقدان كل ما نملك من ديار ومتاع ، وأَعَزُّ ما فقدته من ذلك مكتبتي التي تضم ما جمعته خلال أربعين سنة من كتب علوم القرآن واللغة العربية والتاريخ وعلوم الشريعة ، وفقدتُ أصول مؤلفاتي ، وبعض مسودات أعمالي العلمية التي لم تنشر ، والحمد لله الذي يسر لنا مكاناً نأوي إليه في مدينة أربيل ، عاصمة إقليم كردستان.
والأمر الآخر : هو إحالتي إلى التقاعد من الوظيفة ، بعد أَنْ أمضيتُ ما يقرب من أربعين سنة في العمل الجامعي ، من تدريس وبحث وتأليف ، واعتكفتُ على أثر ذلك في البيت ، واعتزلتُ الأنشطة العلمية العامة ، واشتغلتُ في مراجعة كتاباتي السابقة.
وقد كانتْ هذه الدعوة لي – كما ترون - نوعاً من المواساة على ما أصابنا ، وتعويضاً عما فاتنا ، وتجديداً للمشاركة في الحياة العامة بعد ذلك الانقطاع ، فشكر الله تعالى للقائمين على جائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم صنيعهم هذا ، ولا أجد لمكافأتهم أفضلَ من الدعاء لهم أن يجزيهم الله تعالى خير الجزاء ، في الدنيا والآخرة ، فقد قال نبينا محمد r في الحديث الذي رواه عبدُ الله بن عمر t : (مَن أَتَى إِلَيْكُم مَعْرُوفاً، فكافِئُوه، فإِن لم تجدوا، فادعوا له حَتَّى تعلمُوا أَنْ قد كافأتموه) ، وقال r في حديث أبي هريرة t : (مَن قَالَ لِأَخِيهِ: جَزَاكَ اللَّه خيراً، فقد أَبْلَغَ فِي الثَّنَاء).
فجزاكم الله خيراً يا أهلَ الكويت : أميراً ، وحكومة ، وشعباً ، وأكرر شكري للجنة المشرفة على الجائزة ، والله تعالى ولي التوفيق.
القسم:
حديث الشهر
التاريخ:
30 أبريل
2017
لايوجد تعليقات