اعتاد الدارسون استعمال مصطلح (علوم القرآن) في مجال الدراسات القرآنية ، وهناك عشرات الكتب التي تحمل في عناوينها هذا المصطلح في القديم والحديث ، لكن استعمال مصطلح (علم المصاحف) أو (علوم المصحف) قد يكون جديداً ، وقصدت إلى استعماله ، والدعوة إلى تبنيه ، للتعبير عن الأبحاث التي تتناول بالدراسة المصاحف المخطوطة التي تحتفظ بها المكتبات العامة والخاصة في العالم ، وكذلك المصاحف المطبوعة.
وكان محمد بن عبد الله أبو بكر الأصبهاني ، المعروف بابن أَشْتَهْ (ت360هـ) قد أَلَّفَ كتاب (علم المصاحف) (
[2])، ونَقَلَ منه اللبيب في كتابه (الدرة الصقيلة في شرح العقيلة) في مواضع كثيرة ، وصرَّح بأنه أحد مصادره التي اعتمد عليها في الشرح ، إلى جانب كتاب (المُحَبَّر في القراءات) لابن أَشْتَهْ أيضاً (
[3])، وتدور النصوص التي نقلها حول وصف الرسوم وتعليلها ، واختلاف المصاحف في ذلك (
[4]).
وما أقصده بمصطلح (علم المصاحف) يختلف عما تضمنه كتاب ابن أَشْتَهْ من وصف الرسوم وتعليلها ، واختلاف المصاحف في الرسم ، وإن شاركه في الاسم ، بيان ذلك أن المصحف يتضمن شيئين :
الأول : ما يُتْلَى ، وهو يشمل رسم المصحف وضبطه.
الثاني : ما لا يُتْلَى ، وهو يشمل فواتح السور ، وعدد الآيات ، والأجزاء والأحزاب ، وعلامات الوقوف ، ونحوها.
والأول ، وهو ما يُتْلَى ، يختص به علم رسم المصحف ، وعلم النقط والشكل ، الذي صار يعرف بعلم الضبط ، والثاني هو الذي يختص به علم المصاحف ، وخلاصته : أن كل ما لا يُتْلَى في المصحف يدخل ضمن هذا العلم ، وإذا أردنا ذكر مكونات هذا العلم على التفصيل فإنه يشمل ما يتعلق بالموضوعات الآتية :
1. فواتح السور : التي يُذْكَرُ فيها أسماء السور ، وقد يُذْكَرُ فيها أيضاً عدد آي السورة.
2. أعداد الآيات ، من الخموس والعشور ، وأرقام الآيات.
3. الأجزاء والأحزاب وأرباعها.
4. علامات الوقوف.
5. مواضع السجدات.
6. الزخارف في أوائل السور ، وعند رؤوس الآيات ، وفي فاتحة المصحف وخاتمته ، وفي أطر الصفحات ، وفي حاويات الأجزاء وأرقام الآيات والسجدات ونحوها.
وآمل أن يأخذ هذا العلم والمصطلح الدال عليه طريقه في مجال الدراسات القرآنية وعلوم القرآن ، والله تعالى ولي التوفيق.
_____________________________
(1) استعملت هذا المصطلح في عنوان كتاب ، لم يصدر بعد ، جمعت فيه مجموعة بحوث ، وحمل عنوان (أبحاث في علم المصاحف).
(2) نقل اللبيب في الدرة الصقيلة من كتاب لعطاء بن يسار سماه (علم المصاحف) أيضاً (ينظر : الدرة الصقيلة ص 215 ، و419).
(3) الدرة الصقيلة ص 147.
(4) ينظر : الدرة الصقيلة ص 237 و244 و263 و277 و301 و398 و415 و457 و489 و495 و498 و504 و507 و511 و518 و525 و526 و540 و551 و555.