السؤال: هل يمكن إدخال الدراسات الصوتية في تعليم دروس العربية ، والقراءة القرآنية ، والشعرية ، وكيف يمكن للمدرس تعليم القراءة السليمة للقرآن من خلال علم الأصوات ؟
الجواب: هذا سؤال وجيهٌ ومُهِمٌّ لمُعَلِّمِ اللغة العربية والنطق الفصيح للغة ، سواء في قراءة القرآن الكريم ، أو في غيره من مظاهر استعمال اللغة ، وقد يكون مبعثه شعور بخلو الكتب التعليمية للغة في مراحلها المختلفة من موضوعات علم الأصوات اللغوية ، وكثير من أقسام اللغة العربية تخلو مناهجها من مادة مستقلة لعلم الأصوات ، وكذلك أقسام التربية الإسلامية ، وأقسام علوم القرآن.
وهو تساؤل ليس بالجديد فقد نَبَّهَ عليه وتحدَّث عنه بعض المشتغلين بعلم الأصوات اللغوية من قبل ، بعد أن رأى ما تعانيه الدراسات اللغوية من إهمال لهذا العلم ، وتشكيك في جدواه ، وكَتَبَ الدكتور كمال محمد بشر – رحمه الله – فصلاً طويلاً في آخر كتابه (علم الأصوات) في طبعته الجديدة ، تحدَّث فيه عن (علم الأصوات وموقعه في الدرس اللغوي) في المجالين النظري والتطبيقي ، واستغرق ذلك الصفحات (من 573 – 640).
وأجد من خلال تجربتي المتواضعة في تدريس علم الأصوات وتعليم علم التجويد أهمية موضوعات علم الأصوات (خاصة المخارج والصفات) في تعليم النطق الفصيح والقراءة الصحيحة ، ولكلٍّ من المعلِّمِ والمتعلِّمِ نصيبٌ من ذلك. فالمعلِّمُ لا يستغني عن معرفة المخارج والصفات حتى يتمكن من توضيح قواعد النطق واكتشاف دقائق الخلل في نطق المتعلم وتسديده.
أما المتعلم في المراحل الأولى من التعليم للصغار أو الكبار فإنه لا يحتمل الخوض في موضوعات علم الأصوات لأنها قد تُشَوِّشُ عليه ، ويصعب عليه استيعابها وتطبيقها ، شأنها في ذلك شأن الموضوعات الصرفية والنحوية ، والطريقة المثلى للتعلم في هذه المرحلة هي التلقين الشفهي وسماع النطق الصحيح وترديده ، على نحو ما يتعلم الأطفال النطق الصحيح في المراحل الأولى من التعليم في المدارس ، ويتعلم الصغار القراءة الصحيحة في حلقات تعليم القرآن الكريم.
أما المراحل المتقدمة في التعليم فإن دراسة موضوعات علم الأصوات مهمة في تصحيح النطق ، وفي فهم القواعد ، وتفسير الظواهر.
ولم يكن هذا المعنى غائباً عن علماء قراءة القرآن والتجويد المتقدمين ، وقد يضيق المجال عن تتبع ذلك في مثل هذه العجالة ، لكني أشير إلى بعض ما قالوه في هذا الصدد ، مثل قول المرادي في أول كتابيه: (المفيد في شرح عمدة المفيد) و(شرح الواضحة) :" إن تجويد القراءة يتوقف على أربعة أمور :
أحدها : معرفة مخارج الحروف.
والثاني : معرفة صفاتها.
والثالث : معرفة ما يتجدد لها بسبب التركيب من الأحكام.
والرابع : رياضة اللسان بذلك وكثرة التكرار.
وأصل ذلك كله تلقيه من أولي الإتقان ، وأخذه عن العلماء بهذا الشأن".
ولا يخفى على الأخت السائلة والقراء الكرام أن وسائل التعليم في عصرنا قد تطورت ، ومناهجه قد تعددت ، وينبغي أخذ ذلك في الاعتبار ، إلى جانب ما أشرت إليه من أهمية معرفة مخارج الحروف وصفاتها في تعلم النطق الفصيح ومعرفة القراءة الصحيحة ، ويضيق المقام عن الاسترسال في البيان وتقديم الأمثلة ، والله تعالى ولي التوفيق.
القسم:
إجابات
التاريخ:
07 سبتمبر
2015
لايوجد تعليقات