أحسن أخي السائل في الالتفات إلى موضوع الغنة ، وذلك لكثرة ورودها في القراءة ، ولاختلاف وجهات النظر فيها ، لسببين : الأول: غموض وضع آلة النطق عند النطق بها ، والثاني :اختلاف علماء التجويد المتقدمين في كونها صفة للنون والميم في بعض أحوالهما أو في جميعها ، كما اختلفوا هل هي حرف له مخرج مستقل أو هي صفة تابعة للنون والميم .
ومصطلح (منفذ الغنة) جديد في لفظه ، وعبر عنه بعض الدارسين بمجرى النَّفَس مع الغنة ، فجميع الحروف يجري النَّفَس معها من مخارجها ، إلا النون والميم فمخرجها يتألف من أمرين : مُعْتَمَد في الفم أو الشفتين ، ومجرى للنفس في الخيشوم ( أي الأنف ) ، وقد عرَّف علماء التجويد الغنة بأنها : ( الصوت الجاري من الخيشوم) ، وقد يتعارض ما ذكره السائل من توصيفٍ للغنة مع هذا التعريف ، ولست متأكداً من قوله : إن الغنة يجري صوتها في الفم والأنف ، فالراجح عند كثير من أهل التجويد هو أن الغنة صفة لازمة للنون والميم في جميع أحوالهما ، ما عدا الإدغام الكامل بغير غنة ، فإن النون تذهب بكليتها ، وتفنى في الحرف الذي تدغم فيه .
وقد ينفع المثال هنا في تصور الفكرة التي نتحدث عنها ، فالنون في كلمة (مُنْذِر) حكمها الاخفاء كما لا يخفى عليكم ، ولكن كيف تؤدى النون هنا ؟ إذا أنصتنا لأداء القراء في زماننا نجد صورتين من النطق :
الأولى : مِن القراء من يجعل طرف لسانه شاخصاً أمام اللثة عند مخرج النون من غير إلصاق ، ويجري النَّفَس في أثناء ذلك من الأنف ، ثم ينتقل إلى الحرف الذي بعد النون ، ويكون للنون المخفاة في هذه الحالة وضعاً واحداً مع جميح حروف الإخفاء الخمسة عشر .
الثانية : مِن القراء من ينقل معتمد النون عند إخفائها إلى مخرج الحرف الذي تخفى عنده ، مع بقاء جريان النفس من الأنف ، فتتعدد أوضاع اللسان عند النطق بالنون المخفاة بعدد الحروف التي تخفى عندها ، ويتغير جرسها مع كل حرف من تلك الحروف ، وقد يكون هذا هو المذهب الصحيح في إخفائها ، الذي يتوافق مع النصوص القديمة في كتب التجويد ، ويؤيده أداء أكثر القراء في زماننا .
وإذا رجعنا إلى المثال الذي ذكرته ، وهو إخفاء النون في كلمة ( منذر) فإن النَّفَسَ يجري عند النطق بالنون المخفاة حسب رأي السائل من الأنف ومن الفم ، سواء كان اللسان شاخصاً أمام مخرج النون من اللثة أو كان في موضع الذال ، إذا صح فهمي لكلامه ، ولكن يبدو لي أن النفس لا يجري إلا من الأنف عند النطق بالنون المخفاة عند الذال وعند غيره من الحروف ، فإذا استوفت النون المخفاة حقها من الغنة انقطع النفس من الأنف وانضغط في مخرج الحرف الذي تخفى عنده انضغاطاً تاماً مع الحروف الشديدة وجزئياً مع الحروف الرخوة ، كما هو الحال مع الذال .
ومما يساعد في تحقيق هذه المسألة الرجوع إلى أجهزة مختبر الصوت...والله الموفق للصواب .
القسم:
إجابات
التاريخ:
26 يناير
2015
لايوجد تعليقات