الهواء الخارج من الداخل هو مادة الصوت الإنساني (1) ، وهو الزفير ، وحين يكون الإنسان في حالة الصمت فإن مجرى النَّفَس يكون مفتوحاً خلال الحنجرة والتجاويف التي فوقها ، فيمرُّ الهواء في عمليتي الشهيق والزفير من غير أن يَحْدُثَ صوتٌ مسموعٌ ، فإن أراد الإنسان إنتاج صوت لغوي احتاج إلى تحريك أعضاء آلة النطق لاعتراض هواء الزفير وتضييق مجراه أو غلقه وفتحه ، مما يؤدي إلى حدوث الصوت ، ويتوقف إنتاج الأصوات اللغوية على وجود شيئين: النَّفَسُ والعَارِضُ (2) ، أما النَّفَس فيتحصل من هواء الزفير ، وأما العارض فيتأتى من تحريك أعضاء النطق ، ويمكن أن يحدث ذلك في أي نقطة من آلة النطق ، وقد يكون العارض بغلق مجرى النفس ثم فتحه ، وقد يكون بتضييقه فيمر الهواء من خلال منفذ ضيق ينتج عنه صوت مسموع.
وعملية إنتاج الأصوات اللغوية لا تتم في الغالب بحركة عضو واحد من أعضاء آلة النطق ، وهناك عدد من الحركات التي تؤدي إلى إنتاج الصوت , ومن ثم قيل: إن عملية إنتاج الصوت اللغوي عملية معقدة (3) ، ولكي ندرك حقيقة هذه العملية علينا الوقوف عند العوامل التي تسهم في إنتاج الصوت اللغوي , وتمنحه جَرْسَهُ المميز له ، و أهم تلك العوامل ثلاثة هي:
1. حالة الوترين الصوتيين عند إنتاج الصوت : تذبذبهما وينتج عن ذلك صفة الجهر ، أو تباعدهما من غير تذبذب ، وينتج عن ذلك الهمس في الحروف...
2. موضع اعتراض النَّفَس في آلة النطق ، وتتحدد بموجبه مخارج الحروف ، بدءاً من تجويف الحلق ، وانتهاء بالشفتين.
3. كيفية اعتراض النَّفَس في ذلك الموضع ، وتتحدد بموجبه صفات الحروف الأخرى ، من شدة ورخاوة ، وإطباق وانفتاح ، وغنة ، وتكرير ، وغير ذلك.
ولا يتسع المقام لتفصيل هذه العوامل التي تؤثر في إنتاج الصوت اللغوي ، وتسهم في تنوعه ، ويمكن النظر في كتب الأصوات اللغوية ، لمن أراد الوقوف على تفصيلاتها (4).
_____________________
* استخدم بعض الدارسين عبارة ( ميكانيكية النطق ) ، ( ينظر: فوزي الشايب: محاضرات في اللسانيات ص76 ، وسمير شريف استيتية: الأصوات اللغوية ص77 ) ، واستخدم الدكتور محمود السعران ( آلية النطق ) ( ينظر: علم اللغة ص 117) ، واستخدم أكثر الدارسين للأصوات اللغوية في العربية مصطلح ( إنتاج الصوت اللغوي ) ( ينظر: أحمد مختار عمر: دراسة الصوت اللغوي ص91 ، وعبد الرحمن أيوب: الكلام إنتاجه وتحليله ص 215) ، وكلمة (مكانيكية) تعريب للمصطلح الأجنبي ، و(آلية) ترجمة له ، أما كلمة ( إنتاج ) فإن مادة هذه الكلمة تتعلق بوضع جميع البهائم ، أي ولادتها ( ينظر: لسان العرب 3/196) فهي كلمة عربية قديمة لكن معناها الجديد مُوَلَّدٌ.
(1) ينظر: ابن الناظم: الحواشي المفهمة ص53 ، وعبد الدائم الأزهري: الطرازات المعلمة ص 95.
(2) ينظر: جان كانتينو: دروس في علم أصوات العربية ص19.
(3) ينظر: إبراهيم أنيس: الأصوات اللغوية ص8 .
(4) يمكن الاطلاع على عرض وافٍ لأثر هذه العوامل في كتابي (شرح المقدمة الجزرية ص 193-203).
القسم:
فوائد و لطائف
التاريخ:
09 أغسطس
2014
لايوجد تعليقات