السؤال: عندما سبرت أكثر كتب التجويد والقراءات في مسألة " تفخيم حروف المد وترقيقها “ وجدت أن الأقوال لا تخرج عن ثلاثة مذاهب:
1- ألف المد (فقط) تتبع ما قبلها تفخيما وترقيقا ، وهذا ما عليه الأكثرون!
2- ألف المد و (واو) المد تتبع ما قبلها تفخيما وترقيقا ، أورده صاحب نهاية القول المفيد نقلا عن المرعشي.
3- حروف المد جميعا تتبع ما قبلها تفخيما وترقيقا ، ونصر هذا القول العلامة الضباع في تذكرة الإخوان وكذا العلامة خلف الحسيني ، والدرس الصوتي الحديث يقول: المد امتداد لصوت الحرف ، والحركات أبعاض الحروف.
نرجو من فضيلتكم بيان الصحيح من الأقوال والترجيح الذي نعتمده في تدريسنا للطلبة ، وجزاكم الله خيرا.
الجواب: قد يكون موضوع السؤال من الموضوعات التي لم تتوفر له بعد أسباب القول الفصل فيه ، ولكني أكتب ما مر بي ، وخطر ببالي ، في هذه العجالة ، والأصل في الموضوع أن الواو والياء المديتين من الأصوات المرققة ، كما قرر ذلك جمهور علماء العربية والتجويد ، وأن الألف تتبع ما قبلها في الترقيق والتفخيم .
وجنح المتأخرون إلى التدقيق في طبيعة الواو والياء المشاركتين للألف في المد ، وهل هما مثلها يتبعان ما قبلهما في الترقيق والتفخيم ؟ فقال المرعشي في جهد المقل : " ولما كان في الياء والواو المديين عمل عضو في الجملة ، كما سبق ، لم يكونا تابعين لما قبلهما ، بل هما مرققان في كل حال ، كذا يفهم من إطلاقهم ، ولعل الحق أن الواو المدية تُفَخَّمُ بعد الحرف المفخم ، والله أعلم ".
وعَلَّقَ المرعشي على ما قاله في جهد المقل في كتابه ( بيان جهد المقل) بقوله : " قوله : لعل الحق أن الواو المدية تفخم ... وقد رجوت أن يوجد التصريح بذلك أو الإشارة إليه في كتب هذا الفن ، لكني أعياني الطلب ، فمن وجده فَلْيَكْتُبْهُ هنا ، أما الياء المدية فلا شك في أنها مرققة في كل حال".
وقد يكون محمد مكي نصر نقل في نهاية القول المفيد ما قاله المرعشي في جهد المقل ، ثم كان ما أشرتم إليه من جنوح الشيخ علي محمد الضباع ، والشيخ محمد علي خلف الحسيني ، رحمهما الله ، إلى أن الواو والياء المديين يتبعان ما قبلهما في الترقيق والتفخيم.
ووجدت الدكتور كمال محمد بشر يرجح في كتابه عن الأصوات في طبعته القديمة أن يكون الواو والياء المديين يتبعان ما قبلهما في الترقيق والتفخيم ، على تفصيل مذكور هناك.
ولا يتسر لي الآن الرجوع إلى مصادر أخرى حول الموضوع ، لكن الذي بدا لي هو ترجيح ما ذهب إليه جمهور علماء العربية والتجويد من إفراد الألف بالتبعية لِمَا قبلها ، وبقاء الواو والياء ضمن الأصوات المرققة ، يدل على ذلك التأمل في التلاوات المسموعة للقراء الخالية من التكلف ، ويدل عليه طبيعة مخرج كل من الواو والياء المديين ، فهما من المصوتات الضيقة، في مقابل الألف التي هي من المصوتات الواسعة ( يراجع في هذه المسألة موضوع الحركات المعيارية) ، ولكون مخرج الألف واسعاً فإن تأثير حركة اللسان عليه تكون واضحة ، فإن تَصَعَّدَ قليلاً من أقصاه حصل التفخيم ، وإذا كان تصعده من مقدمه جاء الترقيق ، وعندما يجاور الألف الأصوات الأخرى فإنه يتأثر بصفتها المرققة أو المفخمة لذلك ، ولا يكون مثل ذلك في الواو والياء المديين ، لضيق الفراغ الكائن بين سطح اللسان والحنك الأعلى ، وهذه المسألة أعني طبيعة مخارج هذه الأصوات وأثرها في اكتساب صفة الترقيق والتفخيم تحتاج إلى مزيد من الدراسة بوسائل آلية لعلها تكشف بعض أسرارها ، والله وأعلم .
القسم:
إجابات
التاريخ:
06 يونيو
2014
لايوجد تعليقات